السبت04202024

Last updateالأحد, 29 حزيران 2014 7pm

Arabic English French German Italian Spanish
Back أنت هنا: Home الاخبار المنقولة التجربة السويسرية والدستور العراقي المُـرتقـب

التجربة السويسرية والدستور العراقي المُـرتقـب

  عرض مفصل لمجريات ندوة الجالية العراقية
حول الدستور في مدينة بيرن - العاصمة الفدرالية

تحرير د. محمد سعيد الشكرجي
بالاعتماد على ملاحظات  د. عبد الباقي الخزرجي

 *في اطار الجهود الهادفة الى تحقيق مساهمة العراقيين المقيمين خارج العراق في المناقشة حول مشروع الدستور والافادة من تجارب الدول التي يقيمون فيها، قامت الجمعية العراقية المنوي انشاؤها برئاسة د. سكر الغزالي، طبيب نفساني مقيم في سويسرا منذ اكثر من خمسين عاماً، بدعوة الجالية العراقية في سويسرا الى حضور ندوة في بيرن، العاصمة الفدرالية، يوم الأحد 26 حزيران (يوليو) الماضي، حول موضوع التجربة السويسرية والدستور العراقي المرتقب، لا سيما وان المجتمعين السويسري والعراقي متشابهان من حيث تعددية القوميات والاديان والمذاهب والتوجهات السياسية والفكرية والتي لم تمنع سويسرا، وبعد سنوات طويلة من الحروب والصراعات، من تبوء مكانتها في مقدمة البلدان الديمقراطية والمزدهرة.

- وقد رحب الدكتور سكر الغزالي بالحضور وتطرق في مجال اختصاصه الى مشاكل العراقيين في المهجر
ولا سيما النفسية منها وقدم عدة اقتراحات لمعالجة بعضها على الاقل. ولعل شعور العراقي انه مهمش لا رأي له
في أمور وطنه، ولّد عنده الموقف السلبي من الدولة وابتعاده عن الانخراط بالامور العامة التي "لا تسبب له الا المشاكل" في اطر الانظمة المستبدة. وشكلت هذه التركة الثقيلة (من النظام السابق) احدى العقبات امام المشاركة الفاعلة في العملية السياسية منذ سقوط نظام البغي والعدوان. وكانت انتخابات 30 كانون الثاني 2005 محطة مضيئة وانجازاً كبيراً على درب التحولات الاجتماعية السياسية الايجابية، اذ خرجت الملايين ورغم الاخطار والتهديدات لتشارك في انتخابات الجمعية الوطنية والتأسيسية العراقية.

- ثم تحدث بيات سورفر، وهو محامي سويسري مهتم بالوضع العراقي والعراقيين المقيمين في سويسرا. وكان موضوعه عن تاريخ الدستور السويسري والمخاضات العسيرة التي مرت بها سويسرا قبل وضع الدستور، وأكد على التشابه الملحوظ بين المجتمعين وعلى ان الدستور الدائم الذي يحترمه الجميع ذلك الذي يأخذ كل المصالح بنظر الاعتبار ويتفادي بذلك الكثير من المشكلات. وقد استوعب حديثه جوانب كثيرة من اوجه التشابه. وكانت المحاضرة باللغة الالمانية، وقام بترجمتها (المتعاقبة) الى العربية الدكتور سكر الغزالي.

- بعد ذلك ترأس الجلسة الدكتور عبد الباقي الخزرجي، وهو استاذ جامعي ومدير مركز اللغة العربية الثقافي بجنيف، مؤكداً على أهمية الندوة ومناقشة العراقيين، أينما وجدوا، لابداء آرائهم بعيدا عن التعصب والتشنج . وأشار أيضاً الى ضروة تمكين العراقيين من التأثير على أمور بلدهم حتى لا يتمكن اي دكتاتور من التسلط على مقدرات البلاد مرة اخرى، وكما هو معروف فالوقاية خير من العلاج.

- ثم تكلم د. مجيد العنبكي، نائب الممثل الدائم في الامم المتحدة بجنيف، وهو استاذ في جامعة بغداد كلية القانون، حيث عبّر نيابة عن الممثل الدائم المتواجد في مؤتمر بروكسل الدولي بشأن العراق، عن سروره بهذا اللقاء ووعد العراقيين المقيمين في هذا البلد بمد جسور التعاون بين الممثليات العراقية في الخارج والمواطنين في بلدان إقامتهم.

- وبعده ألقى د. اقبال الفلوجي، دبلوماسي واستاذ جامعي سابق، محاضرته "على عتبة اعداد الدستور العراقي الجديد، بعض الخواطر على ضوء التجربة السويسرية". اشار فيها الى اوليات الدستور بأن يكون واضحا مفهوما لاعقد فيه وشاملا لا يقبل التأويل والتفسير وان يكون اصيلا نابعا من رحم المجتمع العراقي بكل الوانه، رغم اتفاق الجميع على عدم وجود دستور كامل في اي تجربة بشرية. وقد اثار تساؤلات عدة تنتظر اجوبة وهي تعد من اساسيات وضع الدستور. ثم عقب على ان الدستور السويسري يمكن الاستئناس به حالياً. وتطرق الى قانون ادارة الدولة الذي وضعه مجلس الحكم الانتقالي بمثابة دستور مؤقت، ثم ناقش بعض مواده وانتقد موادّ أخرى مبيّناً خطورة ما جاء فيها. وناقش الحاضرون هذه النقاط الحساسة واوضح رئيس الجلسة أن هذا القانون لم يطرح كأساس للدستور المرتقب رغم تلميحات البعض، وان من مصلحة الجميع إبداء الراي فيه ومناقشة مواده حتى نتفادى الوقوع في الأخطاء السابقة، ان تم تشخيصها، وايضاً من اجل نشر الثقافة الديمقراطية..

- وكان ضيف الندوة من باريس، د. محمد سعيد الشكرجي، باحث اكاديمي في العلوم السياسية وعضو لجنة مساندة الدستور في لندن، قدم ورقته عن ملاحظات مبدئية حول عملية وضع الدستور، ومن أهمها ضرورة الالتزام من قبل الاطراف المختلفة بعدم السعي لحشر برامجهم وفرض أفكارهم على الآخرين، لأن هذا الدستور انما هو وثيقة مشتركة بين الجميع لتنظيم العلاقة، في الحاضر والمستقبل، بين السلطات وبينها والشعب. ولذلك أكد الباحث على أفضلية الدستور المختصر والمرن على الدستور الواسع والجامد لكي نبقى في اطار المشترك في الحاضر، دون فرض اوضاعنا ومتاعبنا على الاجيال القادمة التي يجب ان تحتفظ بحقها في تعديل الدستور عند الضرورة، وبالطرق الدستورية المعروفة طبعاً. كذلك أكد على ضرورة المقارنة بين النظامين البرلماني والرئاسي لاختيار الأفضل والأكثر ملائمة لأوضاع العراق، حيث لاحظ ان تصريحات القادة السياسيين وكتابات المعنيين في العراق تتجه نحو النظام البرلماني وكأنه الوحيد المطروح، رغم انه فقد منذ أواسط القرن العشرين خاصيته في تحقيق التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، اذ يسيطر رئيس الوزراء في النظم البرلمانية على السلطتين معا من خلال ظاهرة الأحزاب السياسية الحديثة (الكبيرة والمنظمة). إذ يأتي رئيس الحكومة من الأغلبية البرلمانية التي هو رئيسها في اطار الحزب. ثم ان هذه النظم تبنّـت تعديلات دستورية أعطت للحكومة التأثير الكبير على تنظيم عمل البرلمان. وقد اختارت النظم البرلمانية هذا الاتجاه لتحقيق الاستقرار الحكومي. أما عندما نكون في لحظة تأسيس تاريخية فيجب النظر أيضاً في النظام الآخر (أي الرئاسي) الذي يحقق الفصل بين السلطات والتوازن فيما بينها بتلقائية اكبر لأن الرئيس منتخب مباشرة من قبل الشعب كما هو حال البرلمان. ويسمح بالتالي بحماية اكبر لاستقلال القضاء وبتواصل أفضل بين المؤسسات والحكام من جهة وأطياف المجتمع المختلفة، من جهة اخرى.

- ثم جاء دور الاستاذ لقمان حسين، ماجستير في العلوم السياسية، وهو من الاخوة الأكراد المقيمين في سويسرا، وكانت محاضرته منصبة على المقارنة بين المجتمعين. وبيّـن أهمية الثقافة السياسية في أي بناء سياسي واختلافها بين سويسرا والعراق، فعلاقة المجتمع بالدين في سويسرا مثلاً هي ليست ذات العلاقة في العراق سواء من حيث القوة او النوعية. من جهة أخرى، أشار الى اوجه التشابه بين المجتمعين والتي يمكن الافادة منها في وضع الدستور الجديد في العراق والاستضاءة بالحلول التي تبناها الدستور السويسري على مستوى الاتحاد وعلى مستوى المناطق (كانتونات) لمعالجة الاختلافات الموجودة القومية واللغوية والدينية المختلفة وكذلك الاتجاهات والايدولوجيات المتباينة ....الخ. ثم بين وجهة نظره المختلفة مع الدكتور الفلوجي في نقده لقانون ادارة الدولة.

- ثم القت الانسة سعاد دلخا، فنانة تشكيلية عراقية اشورية مقيمة في سويسرا، كلمة رحبت فيها بفكرة انشاء جمعية عراقية تضم فئات العراقيين جميعا وعبرت عن تقييمها وسعادتها بالمناقشات الجارية حول الدستور والمصارحة الجارية بالاختلافات في الرأي والمواقف مما سيساهم في تشكيل اللحمة الحقيقية والصلبة لعراق المستقبل. لا سيما وان هذا النشاط يجمع لأول مرة شرائح مختلفة من الطيف العراقي المتواجد في سويسرا.

- ثم طلب رئيس الجلسة من الاستاذ صلاح البياتي، رئيس المركز الاجتماعي العراقي في سويسرا، ليعبر عن شعوره في هذا اللقاء فأبدى سعادته بمثل هذه اللقاءات وتمنى ان تستمر وتتطور نحو الأفضل.

- وكانت كلمة الختام للاستاذ عبد الرحيم كاشف الغطاء، ومن خلاله تذكر الحضور شخصية والده المرحوم الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء المعروف بنضاله الفكري والسياسي من أجل التقارب والوحدة، وقد عبر في كلمته القصيرة عن سعادته لهذا اللقاء ووعد ان يكتب عنه خواطر واقتراحات وحث على العمل الجاد المثمر في اطار مناقشة الدستور العراقي المرتقب.

وأخيراً تقدم مقرر الجمعية  حسين الكندي بالشكر للحاضرين وبالاعتذار عن كل تقصير، لا سيما وندوة هي الفعالية الاولى لهذه الجمعية، ووعد بان نسير على الدوام نحو الأفضل في الفعاليات القادمة. ثم شكر رئيس الجلسة ورئيس الجمعية المشاركين جميعاً.

تحرير د. محمد سعيد الشكرجي
بالاعتماد على ملاحظات د. عبد الباقي الخزرجي