السبت04202024

Last updateالأحد, 29 حزيران 2014 7pm

Arabic English French German Italian Spanish
Back أنت هنا: Home الاخبار المنقولة قضية السجون السرية

قضية السجون السرية

نشر وثيقة سرية يثير ردود فعل متتالية

علن وزير الدفاع السويسري صامويل شميد عن فتح تحقيق داخل جهاز المخابرات، للوقوف على حقيقة تسريب وثيقة هامة، تتحدث عن وجود سجون سرية في أوروبا تابعة للمخابرات المركزية الأمريكية. وفيما تعددت ردود الأفعال السياسية والقانونية داخل الكنفدرالية، نفت بلغاريا ورومانيا المعلومات التي وردت فيها. كان عنوان صحيفة "سونتاغس بليك" صبيحة الأحد 8 يناير كافيا لإثارة فضول الجميع، وهي تشير إلى عثورها على "الدليل القاطع"، بوجود سجون ومعتقلات سرية تابعة للمخابرات المركزية الأمريكية CIA في أوروبا، والأهم هو معرفة المخابرات السويسرية بذلك منذ منتصف شهر نوفمبر 2005، دون أن تبلغ به المسؤولين (على الأرجح)، رغم المحاولات المضنية للعثور على دليل يؤكد ما كان من قبل مزاعم يبحث المحققون الأوروبيون عن دليل نفي أو إثبات له.


أعلن وزير الدفاع السويسري صامويل شميد عن فتح تحقيق داخل جهاز المخابرات، للوقوف على حقيقة تسريب وثيقة هامة، تتحدث عن وجود سجون سرية في أوروبا تابعة للمخابرات المركزية الأمريكية.
وفيما تعددت ردود الأفعال السياسية والقانونية داخل الكنفدرالية، نفت بلغاريا ورومانيا المعلومات التي وردت فيها.
كان عنوان صحيفة "سونتاغس بليك" صبيحة الأحد 8 يناير كافيا لإثارة فضول الجميع، وهي تشير إلى عثورها على "الدليل القاطع"، بوجود سجون ومعتقلات سرية تابعة للمخابرات المركزية الأمريكية CIA في أوروبا، والأهم هو معرفة المخابرات السويسرية بذلك منذ منتصف شهر نوفمبر 2005، دون أن تبلغ به المسؤولين (على الأرجح)، رغم المحاولات المضنية للعثور على دليل يؤكد ما كان من قبل مزاعم يبحث المحققون الأوروبيون عن دليل نفي أو إثبات له.

الفضول وحده لم يكن رد الفعل، بل أعلن وزير الدفاع السويسري صامويل شميد عن فتح تحقيق موسع لمعرفة كيف تسربت تلك الوثيقة على الرغم من أهميتها ووصلت إلى وسائل الإعلام. وقد رفضت وزارة الدفاع التعليق على مضمون الوثيقة، والخوض في أية تفاصيل بشأنها.

الوثيقة السرية تحمل عنوان "المصريون يملكون الأدلة على وجود معتقلات سرية أمريكية"، هي ترجمة لرسالة فاكس من مكتب الشؤون الأوروبية التابع للخارجية المصرية، بتوقيع وزيرها أحمد أبوالغيط، إلى سفير القاهرة في لندن، تمكن جهاز التنصت التابع للمخابرات السويسرية من التقاطه في 15 نوفمبر 2005.

وجاء في الترجمة الفرنسية للفاكس التي نشرتها الصحيفة ما يلي: "علمت السفارة من مصادرها الخاصة بوجود 23 سجينا عراقيا وأفغانيا يتم التحقيق معهم بالفعل في قاعدة ميخائيل كوغلانيشنو بالقرب من مدينة كونستانسا الرومانية الواقعة على البحر الأسود، وأن هناك معتقلات مشابهة في كل من أوكرانيا وكوسوفو ومقدونيا وبلغاريا، وقد ذكرت إحدى الصحف أن منظمة هيومان رايتس واتش غير الحكومية لديها دليل على أنه بتاريخ 21 و 22 سبتمبر 2005 تم نقل معتقلين من قاعدة سولت بيت الأفغانية إلى قاعدة سازمانيا البولندية ومنها إلى المعسكر الروماني السابق ذكره"، ولم تذكر الترجمة المنشورة في الصحيفة ماهي السفارة المقصودة في الرسالة.
 
بين مؤيد ومعارض
 
الصحيفة استشارت البروفيسور النمساوي مانفرد نوفاك، المحقق الخاص حول التعذيب لدى لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة قبل نشر الوثيقة، فأكد لها بأن الإفصاح عنها في مثل هذه الظروف أمر هام، ولن يوقعها تحت طائلة المساءلة القانونية، بل سيدعم التقارير التي قدمتها منظمة "هيومان رايتس واتش" وصحيفة "واشنطن بوست" حول نفس الموضوع.

وقال نوفاك في حديثه إلى الصحيفة: "إن القانون يلزم الدول بالتعاون مع الأمين العام للمجلس الأوروبي والمجموعة البرلمانية المكلفة بالتحقيق والنائب ديك مارتي (سويسري) المفوض بالبحث في هذا الملف"، وبناء على ذلك اتخذت الصحيفة قرار نشر الوثيقة، دون خشية عقاب أو ملاحقات قانونية.

في المقابل، اعتبر هانز هوفمان رئيس لجنة المتابعة البرلمانية، أنه من الخطأ نشر محتوى الوثيقة على الرأي العام، قبل إحاطة السلطات بها والإستفادة منها، مؤكدا على أن المخابرات لها الحق في إخفاء مصادر معلوماتها وبرامج عملها، ولكنه أشار إلى أنه يجب النظر إلى حصول المخابرات السويسرية على تلك الوثيقة على أنه انتصار، وشدد أنه لا يعتقد بأن المخابرات قد ارتكبت خطأ قانونيا.

ومن المؤكد الآن أن مكتب المدعي العام الفدرالي سيعمل على بكشف الخطأ، والإحاطة بالملف، حيث أن تسرب وثيقة ذات طابع شديد السرية وحديثة من ملفات المخابرات إلى الصحافة، يعني أن هناك خللا جسيما يجب البحث عن مصدره.
 
ردود الفعل تتوالي
 
وتقول صحيفة "تاكس أنتسايغر" الصادرة في زيورخ يوم 9 يناير في تعليقها على الموضوع، "يجب على سويسرا كدولة راعية لحقوق الإنسان والقانون الدولي، أن تتحدث مع الولايات المتحدة بلغة واضحة، حتى وإن كانت مفاوضات إنشاء منطقة التجارة الحرة بين برن وواشنطن في مراحلها النهائية. والمطلوب من الحكومة السويسرية هو الحصول على توضيحات غير ناقصة حول الاتهامات الموجهة إلى الولايات المتحدة بممارسة التعذيب ونقل السجناء إلى معتقلات سرية، والإلتزام باحترام حقوق الإنسان بدون قيد أو شرط".

وفي اتصال مع سويس انفو، قال النائب البرلماني السويسري ديك مارتي المكلف من طرف المجلس الأوروبي بالتحقيق في وجود تلك المعتقلات السرية، إن محتوى الوثيقة لا يتضمن الدليل الدامغ على وجود هذه المعتقلات والسجون، فما بها من معلومات معروف، ولا يمكن اعتبارها دليلا قاطعا، ولكن إضافيا، وإذا ثبتت صحته، فإن هذا يعني أن بعض الدول ومن بينها أوروبية لم تقل الحقيقة كاملة".

وعلى الصعيد السياسي، اعتبر حزب الشعب اليميني نشر تلك الوثيقة بمثابة "خيانة"، وطالب بالبحث عن ذلك الخائن الذي سرق الوثيقة، لأنه يمكن أن يكرر نفس فعلته في مجالات أخرى، أما الحزب الإشتراكي فكان أقل حدة في ردة فعله وطالب بالإسراع في الكشف عن الثغرة التي تتسرب منها معلومات المخابرات إلى الصحافة، حفاظا على صورة المخابرات السويسرية أمام الرأي العام.

وفي حين ركز الحزب الديمقراطي المسيحي على المطالبة بتوضيح مدى محافظة سويسرا على حيادها ومراقبة حقوق الإنسان في سياستها، (وهو ما سيتبين من التحقيقات، التي قد تكشف عن حجم الدور السويسري في القضية)، طالب حزب الخضر الحكومة الفدرالية بأن تكشف ما تعرفه عن هذا الملف، "فمن يتساهل في وجود سجون للتعذيب لا مكان له وسط مجموعة الدول الراعية للشرعية الدولية"، حسب بيان الحزب. أما الحزب الراديكالي فقد آثر الصمت انتظارا لما ستسفر عنه التحقيقات.
 
استفسارات في انتظار أجوبة
 
يشار إلى أن سويسرا تتوفر على جهازين للمخابرات الخارجية، الأول هو جهاز المخابرات الإستراتيجي التابع لوزارة الدفاع، والثاني هو جهاز التحليل والأمن الوقائي التابع لوزارة العدل والشرطة.

كما تستخدم السلطات الفدرالية منذ عام 2000 نظام أونيكس لمراقبة جميع الاتصالات التي تتم عبر الأقمار الاصطناعية مثل الهاتف والفاكس والبريد الإلكتروني والبيانات والمعطيات المعلوماتية.

وتتوزع شبكة المراقبة على 3 مواقع في البلاد، وهي لوواش (في كانتون فاليس) وتسيمرفالد وهايمنشفاند (في كانتون برن)، حيث يتم تجميع جميع البيانات وتصنيفها حسب الموضوعات والمحتوى والمضمون المطلوب البحث فيه، وذلك باستخدام برنامج متطور للحاسوب، يركز في الأساس على المعلومات المتعلقة بعصابات الجريمة المنظمة وأنشطة الجماعات المتهمة بالإرهاب، وتجارة السلاح وكل ما يهدد الأمن السياسي للبلاد.

وإذا كانت ميزانية العمل في هذا الجهاز من الأسرار التي لا يرغب أحد في الحديث عنها، فإن بعض المعلومات تشير إلى أن اونيكس قد استهلك منذ بدء العمل به حوالي 100 مليون فرنك، يتم تمريرها برشاقة داخل ميزانية الحكومة، وذلك رغم مطالبة العديد من التيارات البرلمانية بتوضيح حقيقة المصروفات التي تتكلفها ميزانية المخابرات، وإضفاء المزيد من الشفافية على عملها، إلا أنه يبقى ملفا شائكا يحاط بسرية فائقة.

المؤكد الآن أن الوثيقة سوف تثير جدلا داخل أوساط وفي جهات متعددة، كما أنها ستمثل - في حال التأكد من صدقيتها - عامل ضغط جديد على الحكومات الأوروبية للحديث بوضوح أكثر مع واشنطن حول مسألة المعتقلات السرية، ومع الدول التي تأويها فوق أراضيها.

في الوقت نفسه، تطرح هذه الحادثة الكثير من علامات الاستفهام، التي يجب على السلطات المعنية الإجابة عنها بصورة أو بأخرى. فهل علم رئيس جهاز المخابرات السويسري بتلك الوثيقة وأنكر ما بها عند استجوابه في البرلمان، حول احتمالات وجود سجون ومعتقلات سرية في أوروبا؟ أم أنه لم يكن على دراية بالأمر؟، وهل يندرج التنصت على مراسلات الخارجية المصرية في سياق جدول أعمال المخابرات السويسرية، أم انه يتم لحساب طرف ثالث؟ وهل يعني تسريب تلك الوثيقة بالتحديد وجود اختراق ما في جهاز المخابرات السويسرية؟ ولحساب من؟..

يبدو أن الأسابيع الأولى من العام الجديد ستكون حبلى في سويسرا بالسجالات (وربما الأجوبة) حول هذه الأسئلة وغيرها.
 
سويس انفو مع الوكالات